فجرت التعديلات الوزارية الأخيرة في اليمن الخلافات بين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح، حيث نقلت وكالة “رويترز” للأنباء تأكيدات برفض “بحاح” للتعديل الوزاري الأخير، مما يثير التساؤلات حول انعكاسات هذه الخلافات بين قطبي الحكومة الشرعية، وتأثيره على الأحداث ميدانيًا وسياسيًا، وكيفية الوصل لحل أزمات اليمن الذي يعاني من تداعيات الحرب الدائرة منذ أكثر من 8 أشهر .
ويعود الخلاف بين “بحاح” و”هادي” إلى رفض بحاح لوزير الخارجية اليمني الأسبق رياض ياسين المعين من قبل “هادي”، ومنعه من حضور اجتماعات الحكومة بالإضافة لمنع وكالة الأنباء الرسمية نشر أي أخبار عنه، وعلى الرغم من عزل “ياسين” في التشكيل الوزاري الجديد إلا أن عدة خطوات أخرى أخذها “هادي” اعتبرها محللون تنتقص من صلاحيات “بحاح” وأبرزها تعيين ثلاثة نواب لبحاح وإخراج التعديلات دون العودة لرئيس الحكومة.
وعقب الإعلان عن التعديلات الأخيرة نشرت وكالة “رويترز” نقلًا عن مسؤول يمني تأكيده رفض خالد بحاح؛ للتعديل الوزاري الذي أجراه هادي، مشيرًا إلى أن بحاح سيصدر بيانًا يرفض فيه التغييرات الوزارية. وقال المصدر أن بحاح سيرفض التغييرات في بيان له لكونها غير شرعية مضيفًا: “أن هادي أجرى التغييرات دون مشاورة بحاح الذي يشغل أيضاً منصب نائب الرئيس”.
محاولة لإخراج “بحاح” من المشهد السياسي
وحول تأثير تلك التغييرات على المشهد اليمني قال المحلل السياسي الدكتور حسين اليافعي: إن “إصدار القرارات بدون علم بحاح متعمد لإخراجه من المشهد السياسي الذي أصيب في عهده بالإعاقة”، مضيفًا: أن “أثر الخلاف على الواقع غير كبير كون بحاح لا يمتلك رصيد شعبي وهو يستند في بقائه بمنصبه إلى دعم الإمارات، التي لها أهداف إضافية في اليمن تعتقد أن بحاح خير من يحافظ عليها”.
وأشاد “اليافعي” في تصريح لـ”شؤون خليجية”، بالتغييرات الجديدة واصفًا إياها بأنها “استوعبت وزراء من الشمال والجنوب لتحقق هدف هادي والتحالف في دولة موحدة”. وأكد أن الأمل أن تحتوي السعودية الخلاف بين هادي ونائبه.
وأشار إلى أن ظهور هذا الخلاف للعلن وتصاعد وتيرته قد يؤثر على الواقع اليمني وقد يؤدي لتفكك قوى الشرعية وينزع الثقة في صفوف القوى المؤيدة للشرعية ويستغلها الحوثي وصالح في إعادة بناء الولاءات.
“بحاح” لا يحق له الاعتراض
من جانبه عقب الباحث السياسي اليمني فيصل علي، على رفض بحاح، التعديل الوزاري، ونيته إصدار بيان رسمي يعلن فيه هذا، قائلا: “بحاح لا يحق له الاعتراض لأنه يستمد شرعيته من هادي، وقد رضخ للأمر الواقع وقبل بالتغييرات”.
وقال “على”، في تصريحات خاصة لـ”شؤون خليجية”: “إن التغييرات الوزارية التي اتخذها الرئيس هادي، أمس، في بعض الحقائب الهامة، لن يبتهج بها الشعب اليمني، لأن الحكومة ليس لديها برنامج عمل واضح، كما أنها لا تمثل واجهة سياسية للمقاومة الشعبية التي تقاتل على الأرض، أيضا ليس للحكومة دور يذكر في التعريف بالقضية اليمنية وتعرية الانقلاب الحوثي”.
وأكد أن الحكومة بقيادة بحاح لا تمتلك زمام المبادرة وليس لديها روح المقاومة وغلبت عليها الاهتمامات الشخصية والعائلية، متمنيا لو كان هناك قرار جريء بتغيير بحاح بمن لديه القدرة على القيادة في هذه المرحلة الحرجة ويبقى بحاح نائبا للرئيس.
عقبة في استعادة الدولة
من جانبه أكد رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، الدكتور عبد السلام محمد، أنه كان يجب إشراك بحاح في قرار التعديلات الحكومية، قائلًا ” نحن نعرف أن بحاح صاحب مشروع خاص بما يتعلق بالجنوب، بالذات مستقبل حضرموت كدولة، لكن هو في إطار مؤسسة الجمهورية اليمنية نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ومن المهم إشراكه في قرار التعديلات الحكومية والا فإن خلق فريق متصادم يجعل من الصعب نجاح مرحلة التحرر واستعادة الدولة”.
وأضاف “محمد ” في منشور على صفحته الشخصية بموقع “فيس بوك” أنه “إذا كان “بحاح “مناطقيًا فهناك مناطقيين يعملون مع جهات تخطط لانفصال الجنوب موجودين في صف هادي، ومستفيدين من الصلاحيات المتركزة في يد الرئيس، ولأن الرئيس فشل في الاستفادة من كل هذه الصلاحيات في الحفاظ على دولة فإنه يشرك بشكل غير مباشر مقربين له في إدارتها بعيدا عن مؤسسة الرئاسة وهذا ما جعل جلال هادي يظهر كأنه المتحكم الأكبر في بعض هذه الصلاحيات”.
واختتم “محمد” تصريحاته مؤكدًا على ضرورة احترام العمل المؤسسي من أجل استعادة الدولة، قائلا: “ما لم يظهر الرئيس نية احترام العمل المؤسسي في الدولة، فإنه من الصعب جدا استعادة الجمهورية ؛ ولا زلنا نذكر كيف أن الحوثيين نهبوا ملايين الدولارات كانت مكدسة في منزله، بعد نهب أموال من المطار كان جلال يعتزم نقلها إلى عدن وكل ذلك بفضل أن العائلة الجديدة يرون الرئاسة ملكية خاصة”.
مقدمة لحدث سياسي جلل
بدوره اعتبر الصحفي اليمني فتحي بن لزرق، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، أن ما يحدث من خلاف بين “هادي” و”بحاح” مقدمة لحدث سياسي جلل سينتهي في نهاية المطاف بتنحية الرئيس عبد ربه هادي من المشهد السياسي وولادة تيار سياسي جديد.
وأضاف بن لزرق، في تصريح صحفي، أن حل الأزمة اليمنية أصبح يتطلب إخراج الرئيس اليمني من المشهد خاصة مع توسع الهوة السياسية والشعبية بين الأطراف السياسية والعسكرية المتصارعة، مشيراً إلى أن إخراج هادي من المشهد السياسي بناء على شروط مسبقة من قبل تيار صالح والحوثي أمر محرج لدول التحالف، ولكن الخلاف القائم بين هادي وبحاح يمنح دول التحالف مخرج أخلاقي يقدم خروج “هادي” من المشهد السياسي اليمني
وقال: “شخصيا أعتقد أن ما يحدث في معسكر الشرعية هو مخاض عسير لعميلة ولادة قريبة لتيار سياسي جديد سيتمكن من بلورة مشروع سياسي ورؤية سياسية ستذهب بجميع الأطراف صوب تسوية سياسية تضمن حلا شاملا للازمة اليمنية بشكل كامل.